سلسلة غرائب و عجائب الطبيعة
الجزء الأول
عجائب المياه
انهار في مياه المحيطات
في عرض المحيطات و عند سطحها ، و كذلك عند سواحل بعض البحار ، تجري كمية ضخمة و هائلة من المياه على شكل انهار ، مياهها من مياه المحيطات ، وقيعانها و كذلك ضفافها من مياه تلك المحيطات أيضاً ، يبلغ عرض تلك الأنهار في بعض الاحيان مئات الكيلو مترات و بعمق يتراوح من 100 إلى 200 متر و تسير تلك المياه بسرعة 1 إلى 5.2 متر في الثانية و قد دعا العلماء هذه الظاهرة العلمية بأسم التيارات المائية المحيطية .
***************
يمكن ان نمشي على سطح الماء
كلما زادت نقاوة الماء زاد مقدار القوة اللازم بذلها لتمزيق سطح الماء .
إذ إن جزئيات المواد المذابة في الماء و الغازات المحشورة بين جزيئات الماء تتسبب في إضعاف متانة سطحه ، أما الماء النقي فيتمتع بدرجة عالية من المتانة إذ يلزم بذل قوة تعادل 900 كيلو غرام من أجل تمزيق عمود قطره 3.55 سم ، و هذا ما يعادل تقريبأً متانة بعض أنواع الصلب بل يلزم لتمزيق مثل هذا العمود من ماء ذي نقاوة مطلقة ، بذل قوة تعادل 95 طناً . و لو وجدت على الأرض بحيرة من الماء النقي لكان من الممكن المشي بكل ثقة على سطحها .
***************
أبعاد سحيقة و ضغوط هائلة
إذا ألقينا في الماء كرة من الحديد وزنها رطلاً واحداً ستصل إلى القاع المحيط الهادي بعد مرور 63 دقيقة ، و تكون قد قطعت 11 كم تقريباً ، و تلك الهوة تعتبر حتى الآن أعمق اخذوذ واسع في ذلك المحيط ، و يتراوح متوسط عمق البحار و المحيطات ما بين 3000 – 5000 م و هو عمق بعيد و رهيب ، مما يجعل الضغط في قاعه يبلغ ما بين ثلث ونصف طن على كل سنتيمتر مربع .
هنا يدور سؤال في مخيلة القراء ، ترى كيف تتحمل الضغط تلك الكائنات التي تعيش في هذه الأعماق ؟
قد تتخيل أن لتلك الكائنات جسد قوي و عظام صلبة لتتحمل ذلك الضغط ، و لكن الحقيقة ليس كذلك بل هي كائنات حية رقيقة و طرية ، و قد لا يكون لها هيكل عظمي ، و مع ذلك فإنها تعيش بدون أي مشاكل و كأن كل شيء طبيعي ، فما هو سر ذلك ؟
السبب أنها في الواقع لا تشعر بتلك الضغوط ، بل تحس بأن كل شيء من حولها على ما يرام ، تماماً كما يحس الإنسان على سطح الأرض رغم أنه يتعرض لضغوط رهيبة من المحيط الهوائي الذي يحيط به من كل جانب ، و لكي نوضح الأمر نذكر لك مثلاً أن الهواء يضغط على رؤوسنا بما يعادل الضغط الناتج عن ربع طن ، و أكتافنا وحدها تتحمل ضغطاً يساوي حوالى نصف طن ، أما الجسم فيتحمل ضغطاً يبلغ عدة أطنان ، و لكننا مع ذلك لا نشعر بشيء غير عادي لأننا نشأنا و تكيفنا مع ضغوط المحيط الهوائي ، ثم إننا نستنشق الهواء بضغوطه فيتخلل بكل وعاء دموي و نسيج و خلية ، و هكذا يتساوى الضغط في داخلنا مع الضغط الكائن خارجنا .
و كذلك تفعل الكائنات في الأعماق ، فلقد نشأت و تكيفت ، بضغوط الماء الرهيبة ، فالماء بضغوطه يتخلل أوعيتها و أنسجتها و خلاياها ، فيساوي بذلك الضغوطات الخارجية و الداخلية أو يتعادلان ، ولو تركت تلك الكائنات التي في الأعماق و إتجهت نحو الأعلى فإنها تنزف و تتفتت و تنهار و تموت .
***************
مناجم ذائبة في الماء
إن كل ميل مكعب من المياه البحار يحتوي من الثروات المعدنية على 5.5 مليون طن من المنغنيز ، و حوالى أربعة ملايين طن من الكبريت ، و حوالي مليون طن من الكالسيوم ، و مثلها من البوتاسيوم ، و ربع مليون طن من البروم ، و 210 طن من اليود ، و على 12 طناً من النحاس ، و مثلها من القصدير و الزرنيخ .
و بإختصار تحتوي البحار على الملايين البلايين من أطنان العناصر المعدنية المختلفة فما رأيك بهذا المنجم الكبير .
***************
مبيد حشرات من البحر
ساهمت المواد الحيوية و التي تم عزلها من الكائنات البحرية إلى إنتاج نوع جديد من المبيدات الحشرية ، و يمثل هذا المبيد نسبة 20% من المبيدات المستعملة الآن في اليابان ، فمنذ زمن بعيد لاحظ الصيادون في اليابان أن الحشرات كانت تموت بعد تناولها نوعاً من الديدان البحرية ، و كانوا يستخدمونه كطعم لصيد الأسماك . و في عام 1934 توصل باحث ياباني يدعى نيتا إلى عزل المادة السامة التي فتحت مقبرة أمام الحشرات ، و أثبتت الدراسات أن هذه المادة تؤثر على غدد الجهاز العصبي المركزي للحشرة ، مما يؤدي إلى إختناقها ، و في عام 1967 بدأ تسويق هذا المبيد الحشري الجديد في اليابان ، و اصبح هذا المبيد من أقوى المبيدات لقتل الحشرات التي لا تموت بالمبيدات الصناعية ، و يوصف هذا المبيد بفعالية شديدة ضد الخنافس و العناكب و العقارب ، التي تتلف النباتات ، و ضد كل الحشرات التي لا تتأثر بالمبيدات العضوية ، التي يتركز الفوسفات و الكلور في تركيبها الصناعي
و يتصف كذلك بأنه لا يسبب ضرراً للإنسان أو للحيوان إذ إنه يتحلل بسهولة و سرعة في الأنسجة العضوية .
و على كل حال فإنه ما تزال تلك الأبحاث و التجارب في بداياتها ، و هي تحتاج إلى الكثير من الجهد و الزمن و المال ، حتى تصل إلى نتائج نهائية لصناعات دوائية و كيميائية ، و تنزل إلى السوق وتنافس مثيلاتها ذات منشأ الصناعي ، لذلك فإن عشرات العلماء ، من الأطباء و كيميائيين و علماء البحر ، ينكبون الآن على تلك الدراسات والتجارب ، مدعمين برؤوس أموال هائلة و معدات حديثة .
***************
الحياة في المحيطات مهددة
قال علماء دنماركيون " إن الإحتباس الحراري قد يتسبب في تكون مناطق ميتة في المحيط ، مما يؤدي إلى نهاية الحياة البحرية لفترة قد تستمر لألفي عام " .
و إستخدم العلماء برامج محاكاة حاسوبية تتنبأ بما سيكون عليه الطقس في غضون 100 ألف سنة ، و خلصوا إلى أنه في أسوأ الإفتراضات ، فإن نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء سترتفع ثلاثة أضعاف مع نهاية القرن الحالي ، الأمر الذي سيؤدي إلى إرتفاع درجة الحرارة المحيطات ، و قدر الباحثون الدنماركيون أن الإحتباس الحراري قد يزيد المناطق البحرية التي ينقصها الأكسجين عشرة أضعاف ، مما يؤدي بإخلائها من الأسماك و القشريات ، و ذلك في دراسة نشرتها على الإنترنت مجلة نيتشر جيوساينس .
و أوضح الكاتب الرئيسي للدراسة غاري شافر من جامعة كوبنهاغن ، أن إرتفاع درجات الحرارة نتيجة إنبعاثات الغازات الدفيئة ستسرع تناقص الأكسجين من مناطق شاسعة من الحيطات ، مما " سيزيد من و تيرة و فداحة ظواهر نفوق الأسماك و القشريات ، على غرار ما حصل مقابل سواحل أوريغون ( الولايات المتحدة ) أو تشيلي .
و قال البروفيسور شافر " إن مستقبل المحيطات كإحتياطي غذاء ضخم مستقبل مهدد . و من ضروري خفض إنبعاثات الناجمة عن إحتراق الوقود الأحفوزي للحد من نقص الأكسجين في المحيطات " .
و وضع الباحثون أنماطاً لعواقب الإحتباس الناجم عن الغازات الدفيئة في 100 ألف عام مقبل ، وخلصوا إلى أن إرتفاع الحرارة سيؤدي إلى تناقص الأكسجين في مياه المحيطات السطحية ، بسبب تقليص إمكانية ذوبان الغاز في المياه المالحة . غير أن شافر أضاف في بيان أنه " حتى لو تمكنا من عادة إحياء المناطق الساحلية عبر الحد من رمي الأسمدة ، فستبقى المناطق خالية من الأكسجين نتيجة الإحتباس الحراري على حالها لآلآف السنين ، مما يؤثر على الصيد و الأنظمة الحيوية لفترة طويلة من الزمن " .
و في حال أدى إرتفاع درجات الحرارة إلى الحد من حركة المحيطات على ما تشير النماذج التي أجراها الباحثون ، " فإن المناطق السيئة التغذية بالأكسجين ستتمدد إلى مساحات إضافية سطحياً ، و كذلك بالأعماق " .
و سيتم في الواقع سحب المياه التي تحتوي الأكسجين القريبة من السطح إلى أعماق المحيطات السحيقة . و إستخلص الباحثون ضرورة " أن تقلص أجيال المستقبل إستخدام الوقود الإحفوري ، إن أردنا تجنب تناقص خطير للأكسجين من المحيطات يستمر آلآف السنوات " ، و تلك الظواهر المرتبطة بغياب الأكسجين من المحيطات مسؤولة تاريخياً عن موجات إنقراض الأنواع الكبرى ، على غرار ما حصل قبل 250 مليوم عام .
***************
السمكة الذهبية
رغم أن الإنسان إقتحم الفضاء و يعتزم أيضاً الوصول إلى المريخ و إختبار مدى صلاحيته لحياة بني البشر إلا أنه حتى الآن لم يكشف كل أسرار الأرض ، و أحد أهم مناطق الأرض غموضاً هي المحيطات و البحار التي تشغل من مساحة الأرض أكثر مما تشغله اليابسة ، و لا يزال الإنسان يكتشف يوماً بعد يوم آخر شيئاً من هذه الأسرار المذهلة و منها ما عرض مؤخراً في معرض تايبيه للأسماك النادرة حيث عرضت فيه سمكة كل جسمها ذهبي اللون ، و ربما يعتبر البعض مسألة اللون أمراً عادياً لكن الأكثر غرابة كما يقول عالم البحار التايواني نوي يوتوبي تم معرفته بعد عدد من التجارب التي أجريت على هذه السمكة و عرف منها أن بعض أجزاء تلك السمكة هي ذهب حقيقي و من عيار 24 قيراط .
*****************
سمكة السلمندر
هذه الفصيلة توجد في بحيرة مكسيكو سيتي تستخدم بكثرة في البحوث العلمية لقدرتها على تجديد أجزاء جسمها . في أمريكا و أستراليا و اليابان تصنف من الحيوانات المنزلية التي يمكن تربيتها .
و السلمندر حيوان برمائي يعيش في الماء و على اليابسة و هو من رتبة البرمائيات المذنبة . يتراوح طوله من عدة سنتيمترات إلى متر و نصف . له أربع أطراف أمامية و خلفية متساوية في الطول وذيل طويل .
يضع السلمندر بيوضه في الماء فتفقس عن يرقات تعيش في الماء و لها خياشيم كالأسماك ، و عندما تنمو و تصل عمر البلوغ تعيش على اليابسة بعد أن يكون شكلها العام قد تغير كلياً وأصبح أشبه بالسحلية ، و هذا التغير يعرف بالإنمساخ ، فنفقد خياشيمها و زعانفها و تبدأ بتنفس الهواء من رئتيها كالكائنات البرية تماماً ، و تبدأ بشرب الماء من خلال جلدها . و يظل بعضها يحمل الخياشيم في الطور البالغ .
بعض السلمندر تنمو و تبقى لتعيش في الماء و هي السلمندرات المائية ، و تكون برمائية ، و هذه السلمندرات تكون سامة .
***************
بهذا نكون قد ختمنا الحلقة الأولى من سلسلة غرائب و عجائب الطبيعة – الجزء الأول ( غرائب و عجائب المياه )
أتمنى أن أكون قد وفقت في إيصال المعلومات إليك أيها القاريء العزيز .