تنهدت حفصة في صمت ثم نظرت إلى سقف الغرفة طويلا حتى اغرورقت عيناها بالدموع وخفتت أمامها أنوار الشموع كانت نظرتها حادة ولمعان مقلتيها تبرقان حتى بدتا كأنهما متحجرتين أو كأنهما سراجين يضيئان في نهاية بئر سحيق.
كانت حفصة تبدو كأنها ليست في تلك الغرفة ولا في ذاك المكان كانت في عالمها الافتراضي أطلقت فيه للخيال العنان.
عادت بها الذكريات إلى الماضي لتكشف لها عن حجاب السنين وتنفض عن صفحاتها غبارا تراكم مع مرور الزمن.
كان الألم يعصر قلبها حتى بدا وجهها شاحبا مصفرا يحاكي صفرة الأموات وعيناها بالدمع فاضت وأخذت تسكب العبارات.
كانت دموعها تفيض مما انطوت عليه سريرتها من أحزان و شجون وآهات.
كانت تتمنى أن تتحقق آمالها و طموحاتها المكبوتة في أعماقها حتى تشعر بالدفء بحلاوة الدنيا في أشعة الشمس في لمستها لحبات الرمال الصافية في نظرتها للنخيل الباسق الطويل في الشوارع و للورد وأشجار الزهور في قطرات الندى في أشعة النور في تغار يد الطيور.
لكن هيهات هيهات سرعان ما تبخر كل شيء أمامها ومرت الأيام وانقضت السنوات.
إنها تشعر كأن يدا خفية تقبض على قلبها لتخطفه وتهيم به في الجبال فترى النور منعدما وكل شيء فيها خبأته جحافل الضباب فلا الغابات ترى ولا السيول تسمع كأنها في بداية خلق الكون أو كأنها في وهم في عمق السراب.
فجأة يتمزق الستار أمامها لترى أنها في سهل واسع قاحل جاف لا خضرة فيه و لا ماء ولا شيء يدب فيه ولا حياة.
قالت في نفسها الآن فهمت أنني إنسانة بلا أمل فما المراد بحياتي في هذه الفلاة وما العمل ?
فيمر الزمان بين عينيها المغرورقتين المتحجرتين ليحفر باستمرار في أعماقها ويشعرها بإحساس فظيع.
انفلت القلب من اليد الخفية فسقط فانفتح فيه ثقب تسرب منه الحزن وارتقى ليتأمل فإذا بأحلامها كلها مرارة وأن غدها بلا فجر وشبح الأمل اختفى وانتهى إلى صمت رهيب.
أحست يومها أن القلب قد غدا حطاما وأنها انتهت وعلى العمر السلام.وعلمت أنها انتهت إلى عالم لم يعد فيه ما يفيد وأن مآلها للاندثار للموت لترمى في أرض من جليد ولن ترى النور بعدها.
فاستسلمت وقالت ليفعل الله مايريد إنما الكل خلقه وهو العالم بمصير العبيد.
استيقظت حفصة من نومها مذعورة ثم نظرت حولها
حمدت الله سبحانه وتعالى على أن هذا الكابوس لم يكن سوى حلم عجيب.
فسجدت لله شكرا وحمدا وهللت وكبرت وقالت سبحانك ربي سبحانك أنقذتني من الظلمات إلى النور إليك المصير وإليك ترجع الأمور. أنا راضية بما قسمته لي .
لن أقول من أين أبدأ
طاعة الله البداية
لن أقول أين طريقي
شرع الله الهداية
لن أقول أين نعيمي
جنة الله كفاية
وهكذا اطمأن بال حفصة وعلمت أن الله وحده ولي كل شيء والقادر عليه
هذه القصة القصيرة احببت ان انقلها لكم لما فيها من عبر وما افرحني فيها هو انني وجدتها باسمي
في المرة القادمة ان شاء الله ساكتب شيئا خاصا بي
صح فطوركم
موضوع: حفصة.... 
الثلاثاء سبتمبر 08, 2009 4:24 am
