لكم كنا نجلس الساعات الطوال أنا وأنت..حتى أوقات متأخرة من الليل..لكي نناقش مسالة جديدة..في الفلسفة أو العلوم..ونقارنها بحوادث تاريخية...مستخلصين في النهاية صورة نتفق عليها وكأننا شخص واحد...وغالبا ما كانت تفضي مناقشاتنا إلى التسليم بجدليات التاريخ..وحركته..التي تحتاج إلى فهم وإدراك بالات فكرية غير تقليدية كالمنطق الارسطي ... وحسبنا هيجل..أو ماركس..أو نيتشه أو حتى هايزنبرك و اينشتاين كمشاعل تنير لنا درب الحقيقة في فهم التاريخ..والإنسان...لكن...ألا تذكر كيف كنا نتعثر..كلما فكرنا في عالم ما بعد الموت ؟؟
ألا تذكر..كيف نصل إلى النهاية في كل جلسة عندما ننتهي في الجدل فيها عند نقطة الموت السريري للدماغ البشري.. ؟
حتى إننا لا نجرؤ على أن نقول..إن هناك بالفعل عالم بعد الموت..وكذلك..لا نمتلك الدليل الواقعي الملموس على وجوده...عدا...ظواهر الباراسايكولوجي..والتي يعدها البعض في أحيان كثيرة محض علوم صرفة سيأتي اليوم الذي يكتشف فيه الإنسان أسرارها ويسبر عبر رحلته في دروب المعرفة أغوارها..حتى لا يبقى من شك بان لا حياة بعد الموت..والمسالة مجرد ارتقاء بالقابليات العقلية البشرية لتشمل عوالم ما وراء الزمان والمكان..فقط..ولن يكون هناك شيء اسمه عالم ما وراء الموت...لكن...لماذا كنا مؤمنين بان هناك بالفعل..عالم وراء الموت...؟؟
على ما اذكر تناقشنا في هذا الموضوع كثيرا..وتناولنا موضوع..إننا ولدنا في بيئة إسلامية..شيعية..تؤمن بالميتافيزيقا..إيمانا يميزها عن باقي الملل الإسلامية..وللميتافيزيقا في الفكر الجعفري..نكهة خاصة..ترتبط..بأغوار التاريخ البعيدة..في آبار بابل..وسحرها الأخاذ..مرورا بزرادتش..وأساطير ألف ليلة وليلة...وانتهاءا...بسامراء...حيث غاب المنتظر الموعود فيها..كاسرا قوانين الموت التي تجري على كل البشر..!!
نعم..لربما نكون متأثرين بهذا الفكر ..وهذه الأجواء التي أوحت لنا بها كل من..الكوفة..والنجف..وكربلاء...حيث توجد اكبر مقبرة في العالم..مقبرة وادي السلام..فعادة ما تكون الكرنفالات احتفاليات..مرحة..تمجد الحياة...إلا كرنفال وادي السلام...فهو كرنفال الموت...نعم...انه احتفال..واحتفاء..بالموت..بظاهرة تندر في كل العالم متمثلة بنصب المقبرة الشامخ إلى جوار الأضرحة المذهبة..بالاظافة إلى الاحتفالية السنوية..بعزاء..يدعى عاشوراء في ظاهرة غير مسبوقة بالاحتفاء بالموت والمأساة...ولكن...ما هي أسرار كل هذا.. والدوافع الحقيقية التي تغذيه ؟؟
لربما.. يحتاج الجواب..إلى رسالة منفصلة..قد نوفق فيها إلى الصواب .
واليوم..وبعد كل هذه السنين التي تحررنا فيها من كل قيود البيئة والتاريخ..هل لا تزال غشاوات سر من رآى هي التي تسكرنا بأفيون السايكوفيزيا...وايات القران والتوراة والإنجيل هي التي تحبسنا في سجن الحساب واليوم الآخر ..؟؟؟؟؟
لا ..يا صديقي..لا اعتقد ذلك ..لكن ما عشناه سوية..من أحداث وتقلبات منذ أيام الجامعة ..وحتى يومنا هذا كانت كفيلة بان ترسم لنا منهجنا الخاص..ورؤيتنا الخاصة..في تحليل وكشف خبايا..وراء الموت..بما نمتلك من خيال...وإدراك حسي فائق في بعض الأحيان..!
وموضوع هذه السطور يا صديقي الغالي .. يتعلق بالإجابة على التساؤل الأول فيها...هل ذلك العالم حقيقة أم وهم ..؟؟
لو افترضنا إن " الباراسايكولوجي " ظواهر تخرج عن إطار الزمان والمكان بالفعل...فان ذلك بحد ذاته..اعتراف بحقيقة وجود عالم بعد الموت..!
كيف ذلك ؟
المسالة باختصار..تتعلق..بالإدراك الفردي..فانا على سبيل المثال اعرف نفسي..لكن منذ متى ؟
بالأطر الفكرية التقليدية..نقول " من وعيت على الدنيا " ..لكن مجرد إدراك الذات..فيما وراء الزمان والمكان..يعني إننا موجودون قبل الدنيا....وموجودون بعد أن تزول أيضا ً ؟
واحتلالنا لموقع ما في هذه الظواهر..كالتنبؤ...والتأثير بالأشياء عن بعد هو دليل انتمائنا الصريح إلى عالم اللازمان واللامكان..حيث لا معنى للموت..ولا للولادة..؟؟
لا معنى على الإطلاق..للبداية أو النهاية... ولا قيمة للعدد أو الكمية ...والهيكل الذي تدور به أحداث ذلك العالم إذن...هو هيكل رباعي الأبعاد....ويصح لنا أن نسميه إذن ( عالم اينشتاين ) ...كيف سيكون نظام عالم اينشتاين ( عالم ما وراء الموت..وقبل الولادة..رباعي الأبعاد ) ..؟؟
لا يستطيع الجنين في بطن أمه أن يأتي لهذا العالم دون أن يمتلك لنظام يبقيه على قيد الحياة..من أعضاء..وأنسجة...ومناعة.
ولا يستطيع الإنسان أن يحيا في هذا العالم دون " قدرة" تمكنه من الحصول على الطاقة.. فالطاقة..هي هم الإنسان الأول في هذا العالم..ثلاثي الأبعاد...لكن ما هو هم الإنسان يا ترى في عالم رباعي الأبعاد..عالم ما بعد الموت ( إذا كان بالفعل هناك عالم بعد الموت ) ..؟؟
إن المعرفة هي همه...والطاقة وفيرة كوفرة الأوكسجين ..!!
لا أريد يا صديقي أن أخوض لك في المعادلات التي تثبت ذلك ..ونترك هذا التحقيق للبحث لاحقا .. وكل ما أستطيع قوله..أن الويل كل الويل لمن يقول في ذلك العالم..." لا اعرف "...مثلما يكون الشقاء لمن يقول في هذا العالم.." لا اقدر