تُزوِّد الخضار الجافة وحبوب البقوليات الإنسان منذ 8000 سنة بالمغنيسيوم والبوتاسيوم والحديد والألياف وفيتامينات المجموعة B الضروري للجهاز العصبي، لكن استهلاك الفرد في فرنسا لهذه البقوليات قد انخفض عمّا كان عليه عام 1935 بمقدار خمس مرات، وهكذا انخفضت نسبة البروتين النباتي في غذائه من 55% إلى أقل من 30% وهذا يوافق على أبعد تقدير 5 جرامات في اليوم، يعزى ذلك، ودون شك، إلى طول فترة طهي البقوليات في الماء الضروري لتسهيل هضمها.
دعيت البقوليات سابقاً بلحم الفقير لكنها تدعى اليوم بلحم الحكيم لأنّها تزودنا إضافة إلى البروتينات بالفيتامينات والألياف والمعادن المفيدة لامتصاص الأغذية في الأمعاء، كما تمنع ظهور بعض السرطانات (سرطانات القولون والبروستات والثدي..) وأمراض شرايين القلب. إن للبقوليات في الواقع تأثيراً تنظيمياً على الكوليسترول وذلك بفضل احتوائها على جزء ليبيدي غني بالأحماض الدسمة عديدة عدم التشبع (هذه الأحماض قليلة الوجود في الوجبة الغذائية الغربية) وبفيتامين E الذي يحمي الأحماض السابقة من الأكسدة.
الأرجينين حمض أميني يوجد بوفرة في العدس والفول والفاصولياء ويساهم في تصنيع عامل توسيع الأوعية الدموية.
إنّ بذور فول الصويا المستخدمة منذ القديم في آسيا لم تُثمَّن بما فيه الكفاية في أوروبا، بالمقابل فإن كسبة البذور البروتينية التي هي ناتج ثانوي لإستخلاص الزيت تشكل أساس الأعلاف المركزة للحيوانات (تستورد من أمريكا) في التربية المكثفة للماشية.
ما عدا بضعة أصناف من الحلوى المسوَّقة بكميات كبيرة فإن الوصفات الغذائية التي تعتمد على حليب الصويا (تونيو)، والحليب الخاثر (توفو)، أو على الصويا المخمرة (ميزو، شويو،..) بقيت حكراً على النباتيين، أو الصناعة الغذائية الزراعية التي طورت تقنيات لتصنيع طحين الصويا (بسبب غناه بالبروتينات)، وتحضير مركزات ومستخلصات من الصويا والفول والبازلاء والبسلة والبرسيم. هذه المواد البروتينية رابطة ونسيجية... لذا أدخلت بقوة في ترسانة صناعة المنتجات الغذائية الوسيطة (PAI)، حيث نجدها في جميع الصلصات والخبز البروتيني والأطباق المطبوخة (معكرونة، حشوات، سجق، توابل الرافيولي) مروراً بالهمبرجر. تخفف هذه البروتينات الملونة والمطعمة الناتجة عن تكسير البذور من كلفة الإنتاج ومن كمية المواد الدسمة في المنتجات اللحمية الصناعية، لكنها لا تمتلك الغنى التعقيدي للأغذية غير المصنعة.
إنّ اللحم ليس مركزاً بروتينياً بسيطاً وإنّما هو غني بالحديد والزنك والسيلينيوم وفيتامينات مجموعة B خاصة فيتامين B12 (كوبال أمين الذي يحتوي ذرة كوبالت في مركز الجزيء) الضروري للنشاط العصبي والنفسي، ولتمثل الجسم لحمض الفوليك (فيتامين B9 مهم وضروري لنمو الأجنة عند الحوامل). يصنع فيتامين B12 فقط بوساطة الكائنات الدقيقة مثل البكتريات والخمائر، فهو إذن متوفر بكثرة في اللحم البقري (خاصة في الكبد والكلاوي) لأنّ هذه البكتريات والخمائر تنمو وتنتشر بكثرة في أمعاء الحيوانات المجترة.
يوجد حديد اللحم الأحمر في الهيموغلوبين البروتيني الرئيسي في كريات الدم الحمراء، وفي الأصباغ التنفسية للعضلة، كما يوجد في المايوغلوبين. هذا الحديد الذي يدعى هيمينيك يمتص بشكل أفضل من الحديد النباتي الذي يحتجزه حمض الفايتيك (جزيء خازن).