بسم الله الرحمن الرحيم
( ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا )
تنتشر بين الناس مقولة غريبة باطلة ، وهي أنهم لم يعودوا يعرفون الحق من الباطل والخير من الشر والحلال من الحرام ، وهذه طامة كبرى تحتاج إلى معالجة جذرية،لذا رأيت أن أنقل لكم هذا الموضوع لما فيه من شرح وبيان لهذا الأمر الخطير :
الرشـــــــــوة و الضـــــــــــرورة ...!!
إن هذا المنطق مرفوض ابتداء فالله تعالى يقول : (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين)3 أي أن التكذيب للحق والإعراض عن القرآن إنما حصل بسبب جهلهم وفوات الفهم الصحيح ؛ لأنهم لو علموا الحقائق لما وقع التناقض فيهم ، وهذه حال الذين من قبلهم كذبوا بآيات الرسل قبل التدبر في معانيها فكان ذلك سببا لهلاكهم ، وهي عاقبة مستمرة لكل معرض جهول ، والحق أبلج لا يخفى على أحد ، ولكن المشكلة تكمن في نقطتين هامتين :
الأولى ضرورة معرفة الفكرة الصحيحة ولو لم يقدر الإنسان على فعلها ، والأصل أن لا يفترق الفكر عن العمل ولا العقيدة عن السلوك ولكن الجاهلية المنحرفة توقع الناس في خبلها وتعمِّي الأمور ؛ حتى يضيع الحق كله ويصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا.
لنأخذ مثلا موضوع الرشوة ؛ هل الرشوة حلال أم حرام؟
لا يختلف اثنان من أمة لا إله إلا الله على حرمتها وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : (لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم)4 ؛ فإذا فسد مجتمع من المجتمعات فأصبحت الأمور لا تقضى إلا بالرشاوى فهل تصبح الرشوة حلالا؟ اللهم لا ؛ فالرشوة كما قال الإمام الذهبي :كبيرة ، والعلامة المناوي في فيض القدير يقول عن الرشوة ما مؤداه : إنما هي خصلة نشأت من اليهود المستحقين للعنة ؛ فإذا سرت إلى أهل الإسلام استحقوا من اللعن ما استحقه اليهود.
فالرشوة في ضمير المسلم حرام حرام دائما أبدا ؛ لا تختلط عليه الأمور ولا يلتبس معه الحق بالباطل ولا يستسهلها ولا يبررها ولا يقبلها ؛ فتبقى لها في قلبه رهبة وفي نفسه نفور ، ولكن ما الحال إن وجد في ظرف اضطر فيه إليها اضطرارا كأن وقع بين يدي ظالم لا يعطيه حقه إلا بالرشوة مثلا؟ هل يفقد إحساسه بلعنتها و يفقد حساسيته الإيمانية بخطرها على المجتمع كله؟ اللهم لا.
اللهم إنى بلغت اللهم فاشهد